مع الأخصائي النفسي بديع القشاعلةألا بذكر الله تطمئن القلوب

تحليل للشخصية في الإسلام

بقلم الاخصائي النفسي بديع القشاعلة

 

تكملة .....

4- الاعتراف بالخطأ.

وهده صفه من الصفات التي حث الإسلام على ان تكون موجودة لدى الإنسان المسلم. إذ على كل إنسان مسلم ان  يعترف بخطئه وذنبه وان يقلع عنه ويصحح مساره لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:

 " واتبع السيئة الحسنه تمحها ".

 أما الذين يخطئون ولا يقرون بخطاهم أو يقرون بذلك ولكن لا يقلعون عنه ولا يصححونه فيقول فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام :" كل أمتي معافى إلا المجاهرين " . والمجاهرون هم المجرمون الذين يأتون المعاصي ثم يعترفون بها غير مبالين . فالإنسان المسلم الذي يعترف بخطئه وذنبه تم يقلع عنه ويصححه فله مغفرة من الله  إذ يقول تعالى في كتابه العزيز :

" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم "( سورة غافر 53.)

ويقول الرسول محمد عليه الصلاة والسلام:

"التائب من الذنب كمن لا ذنب له ".

 من هذا المنطلق يحث الإسلام على الاعتراف بالخطأ ومحاولة تصحيحه والإقلاع عنه . ويقول جمع من الخبراء النفسيون ان الفرد الذي يعترف بخطئه يتحاشى ألوان شتى من القلق والتوتر النفسي , لأنه بهذه العملية يحاول الابتعاد عن الفشل والإحباط  إذ  يصحح خطأه ويسلك طريقا آخر فيه قد يشعر بالنجاح والثقة النفسية . أما ذلك الذي لا يعترف بخطئه ويستمر فيه فانه سيتعرض دون أدنى شك  إلى  الفشل وبالتالي  إلى  الإحباط الأمر الذي سوف يؤدي  إلى  تعقدات ومشاكل نفسيه عديدة كالقلق والتوتر وعدم الثقة بالنفس وبالآخرين .

 

5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

من أهم السلوكيات لدى المسلم والتي يطالب بها الإسلام  كل من يدعي انتمائه أليه هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,إذ يؤدي هذا  إلى  تماسك الجماعة والدفاع عنها وتصحيح مفاهيم الحق .

 

 يقول تعالى  في كتابه العزيز: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون "( سورة أل عمران, 110.)

وعن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه قال: " سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فان لم يستطع فليغيره بلسانه, فان لم يستطع فليغيره بقلبه وذلك اضعف الأيمان " رواه مسلم.

 في هدا الحديث يحث رسول الله على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويطالب المسلم بالمبادرة في ذلك. فالمبادرة صفة هامة في تركيب الشخصية ألإسلاميه  إذ  يقول احد الخبراء النفسيين ان الإنسان المبادر يتمتع بشخصيه قويه ويمتلك ثقة كبيرة في نفسه .

6- ألاجتهاد: ان الاجتهاد صفة من الصفات التي شجع عليها الإسلام ورغب فيها , وطالب المسلم اللبيب ان  يعمل عقله وان يفكر مليا في حل الأمور   الصعبة التي تحتاج  إلى  الحكمة والحنكة .

  إذ يروى عن القاضي شريح عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه قال له عندما ولاه  قضاء الكوفة : " اقصد بما استبان لك من قضاء رسول الله , فان لم تعلم كل أقضية رسول الله  فاقض بما استبان لك من أئمة المجتهدين فان لم تعلم فاجتهد برأيك واستشر أهل العلم والصلاح "  .

 هنا نرى ان الإسلام يطالب الفرد المسلم باستخدام عقله في جميع الأحوال وعليه ان يفكر ويستشر من هو أهل للاستشارة حتى يتوصل إلى الحل السليم.

 

 

7- مراقبة النفس.

ان المعنى والمقصود من مراقبة النفس هو ان  يتعود المسلم على ملاحظة نفسه في كل وقت كان, عليه ان يراقب نفسه وقت الكلام والعمل وكل حركاتها وسكناتها , عليه ان  يتابعها ويصححها ويراجعها حينما تخطا أو حينما تهم بالخطأ , وعليه أيضا ان يسعى بان تكون نشيطه فعاله قويه مجتهدة في الخير. يجب ان  يمنعها من السوء والرذيلة ويدفعها  إلى  الطيب من القول والعمل.

 وهنا يقول رب العزة في كتابه العزيز :

" ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا"  (سورة الإسراء 29 .)

ويقول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف : " اعلم ان أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وقد خلقت أمارة بالسوء , ميالة  إلى  الشر , فرارة من الخير , وأمرت بتزكيتها وتقويتها , وعليك ان    تقودها بسلاسل القهر  إلى  عبادة ربها وخالقها , وان تمنعها من شهواتها , وان تفطمها عن لذاتها , فان أهملتها حجمت وشردت ولم تظفر بها بعد دلك , وان لازمتها بالتوبيخ والمعاتبة والعدل والملامة , كانت نفسك هي النفس اللوامة التي اقسم الله بها , ورجوت ان  تصير النفس المطمئنة المدعوة  إلى  ان  تدخل في زمرة عباد الله راضية مرضيه , فلا تغفلن ساعة تذكيرها أو معاتبتها , ولا تشتغلن بوعظ غيرك ما لم تشتغل أولا بوعظ نفسك . فقد أوحى الله تعالى إلى  عيسى عليه السلام  :   يا ابن مريم , عظ نفسك , فان اتعظت فعظ الناس , وإلا فاستح مني ".

ويقول علي كرم الله وجهه: " من نصب نفسه إماما للناس بدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ".

 ويقول علماء النفس ان الشخص الذي يراقب نفسه يتوصل  إلى  فهم ذاته وفهم الذات تمكنه من التكييف مع المحيط.

8- الأمانة.

" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا "  (سورة النساء 58.)

 ان الأمانة صفة من الصفات التي يحث عليها الإسلام  , فالأمين هو ذلك الإنسان المرغوب فيه في الجماعة هذا مما يشعره بمدى ايجابيته ويؤدي بالتالي  إلى  تحقيق ذاته , وتحقيق الذات سمة من سمات الصحة النفسية.

9- العمل. 

عن رسول الله عليه الصلاة والسلام انه قال: " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طيرا أو إنسان إلا كان له به صدقه".

ان الفرد المسلم مطالبا بالعمل والاجتهاد والمثابرة في الحياة وعدم الخمول والكل والجلوس دون عمل .

 ولقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: " ان الرجل ليعجبني فاسأل عن حرفته فيقال : لا عمل له فيسقط من عيني " .

 والواقع ان الإسلام كره البطالة وانتقص من أصحابها وجعل شرار الناس أولئك القاعدين عن العمل , الطاعمين من غير جهد , الناعمين من غير كفاح , المنشغلين في الثرثرة واللغو في الكلام كي يضيعوا وقتهم . قال عليه الصلاة والسلام :

 " أشرار أمتي اللذين ولدوا في النعيم وغدوا به يأكلون من الطعام ألوانا ويتشدقون في الكلام ".

 كما ان الإسلام  جعل أخيار ألامه واعز أبنائها أولائك الذين يوفون رسالة الحياة ويؤدون ضريبة الصحة والعافية وينتجون في حياتهم ويحولون التراب خيرا وبركه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " ما كسب رجل كسبا أطيب من عمل يده " .

 وروي ان الرسول امسك يدا ورمت من كثرة العمل وقال : " تلك يدا يحبها الله ورسوله " , كما وفال : " من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له ".

ويقول الله تعالى في كتابه العزيز:

" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " ( سورة التوبة 105.)

 كما ان الشخصية الفعالة ليست كالشخصية الخاملة, فالعمل يساعد على التعاون والمشاركة في المجتمع الأمر الذي يساعد الفرد على تحقيق ذاته وشعوره بالنجاح والاستمرارية.

10- العلم.

يقول الله تعالى في القران الكريم : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير "  (سورة المجادلة 11).

" شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " (آل عمران 18.)

 أن الصفة المهمة في شخصية المسلم والتي تساعده على الحياة والتقرب  إلى  الله هي العلم  إذ ان أول أية أنزلت في القران الكريم طلبت من الفرد المسلم ان يتعلم ويقرأ, لما في ذلك من فوائد له ولمجتمعه.

 إذ يقول الله تعالى:

" اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * أقرأ وربك الأكرم *الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم “( سورة العلق 1-5.) 

فالدعوة إلى العلم والتعلم صاحبت الدعوة الإسلامية منذ اللحظة الأولى, إذ يقول رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم:

 " فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب".

 ويقول كذلك: " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم " ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة “.

 من هنا على المسلم ان يسعى إلى العلم والتعلم حتى يتمكن من إنارة طريقه ومسعاه, ويطالب الإسلام الفرد المسلم بنشر العلم وعدم كتمانه حتى يتمكن الآخرين من الاستفادة منه, لقوله تعالى:

 " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون". (سورة البقرة 159.)

ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " العلماء ورثة الأنبياء ". كما ويبين عز وجل مدى أهمية العلم في الآية التالية :

 " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " (الزمر 9 ).

ان العلم يؤدي إلى فهم أفضل للحياة ويعطي الإمكانية للتكييف معها ومع متطلباتها وبالتالي يساعد هذا على الوصول  إلى  ما يرجى من السلوك السوي.