مع الأخصائي النفسي بديع القشاعلةألا بذكر الله تطمئن القلوب

نظرية الذات والنظرية المحمدية

بقلم الاخصائي النفسي بديع القشاعلة

ان  " نظرية الذات " تعتبر مدرسة من مدارس علم  السلوك ، وتعود لصاحبها "كارل روجرز " وهو العالم النفسي الشهير الذي وضع نظريته في نشأة الأمراض النفسية وفي الشخصية، وصاغ طريقة في العلاج النفسي تسمى بالعلاج المتمركز حول المريض. وهذه النظرية تعتبر أساسا في اتجاه علم النفس الإنساني. ولدى روجرز يعتبر مفهوم الذات هو المفهوم المركزي في نظريته الذي يتكون من الادراكات والقيم والأحكام والتي بمجموعها تعتبر مصدرا للخبرة والسلوك. ونتيجة معرفة الفرد للخبرات ذات ألقيمه الموجبة وذات القيمة ألسالبة فانه يدرك جوانب ذاته الموجبة وجوانبها السالبة. وهذا ما يسمى بتقدير الذات.

وعندما تتعارض الخبرات التي يتعرض لها الفرد مع فكرته عن ذاته أو مع دافعه  إلى  التقدير الموجب للذات فانه يقع فريسة للصراع، مما يسبب له القلق والتوتر. وقد يتحول القلق تدريجيا  إلى  صورة من صور المرض النفسي.

 يقول " ساذرلاند " و" سميث " في كتابهما عن الصحة النفسية انه لكي يكون الفرد متمتعا بصحة نفسيه يجب ان تتوفر فيه الأمور   التالية:

- انه يعمل من اجل خير الإنسانية، ولكنه يقبل في الوقت ذاته أكثر الناس كما هم، وكذلك أكثر المواقف كما يجدها في واقعها، وخاصة حين تكون أمورا بسيطة.

- انه يشعر بنفسه طرفا في جماعه, وهو يحصل على الرضا في الحياة من خلال إسهامه في خدمة الآخرين أكثر مما يحصل عليه من خلال مكاسب شخصية.

- انه على وعي بعلاقته مع الوجود.

- ان عنده مقدارا معقولا من الثقة بالنفس، أي انه يعرف قدراته وحدوده ويستطيع بذلك مواجهة الحياة بنجاح.

- في شخصيته تكامل وانسجام.

- انه يواجه المشاكل واقعيا.

- ان  له نظرة  إلى  الأمام والمستقبل .

ويقول " وولمان " انه من الأشياء الأساسية في الصحة النفسية للفرد  هو العلاقة بين طاقات الشخص وانجازاته . والمقصود هو ما يحتمل ان يوجد من تفاوت بين ما يستطيع الفرد القيام به وما يقوم به وينجزه فعليا, ولذا يكون بين أهم الإشارات على وجود اضطراب نفسي هو عدم تمكن الفرد من جعل طاقاته الجسدية والنفسية أمرا واقعيا بحيث تعمل في كامل حدود ما تستطيعه . ويذكر " شنايدرز " تسع نقاط يعتبرها المعايير الأساسية للصحة النفسية من أهمها :

- المفهوم السليم حول الذات .

- وعي الذات المناسب .

- العلاقة المناسبة مع الدافع .

وفي دراسة للعالم " سكوت " يعرف فيها الصحة النفسية والمرض النفسي يحدد عدة نقاط يجب ان تتوفر في الشخصية لكي تكون سليمة من الناحية النفسية ومن أهمها ذكر :

- الاستقلال الذاتي.

- الموقف المناسب مع الذات .

تلخيصا لذلك نقول , ان مفهوم الذات هو أساس الصحة النفسية للفرد , لذلك على الإنسان ان  يكون مفهوما ايجابيا عن ذاته كي يتمكن من التكيف مع المحيط . هذا توصل اليه الخبراء النفسيون بعد جهد كبير من الأبحاث والمراجعات والتجارب , ان السلوك السوي أو السلوك المضطرب يتعلق بمدى فهم الفرد لذاته , ومن توصل  إلى  فهم ذاته فقد فاز برحمة الله ,  إذ  جنبه الله تعالى الاضطراب والمشاكل في السلوك والنفس . من هذا المنطلق قال محمد صلى الله عليه وسلم قبل زمن بعيد حديثا شريفا يلخص لنا فيه كل هذه الفكرة:

  " رحم الله أمرءا عرف قدر نفسه "  . هذا والله ولي التوفيق .