مع الأخصائي النفسي بديع القشاعلةألا بذكر الله تطمئن القلوب

معاملة الطفل ورأي الإسلام

بقلم الاخصائي النفسي بديع القشاعلة

 ان الحاجة إلى الحب والمحبة هي من أهم الحاجات النفسية والانفعالية التي يحتاجها الأطفال. فالطفل يسعى إلى ان يشعر انه محب ومحبوب. فان هذا الشعور المتبادل بينه وبين أبويه وإخوته مهم جدا لصحته النفسية.

عادة يميل الأطفال إلى ان يكونوا محبوبين ومرغوب فيهم , ويسعون لان ينتموا لجماعة و بيئة اجتماعية صديقة , فالحنان حاجة ماسة له والطفل الذي لا يشبع هذه الحاجة يعاني مما يسمى بالمصطلحات النفسية "الجوع العاطفي " وهذا الشيء له تأثير بالغ السوء على النمو النفسي لدى الأطفال , فقد يتحول  إلى  عدوانيا أو منحرفا سلوكيا أو منطوي ....

 ان محبة الوالدين لأبنائهما هي أمر مهم جدا , وعلى الأهل ان يظهروا لأطفالهم هذا الحب دون تفرقة بينهم.  ان الطفل يحرص على إرضاء من حوله بما يجلب له السرور ويكسبه حبهم وتقديرهم وترحيبهم , ويحاول ان يكون موضع تقدير وقبول واعتراف, وتلعب عملية التنشئة الاجتماعية دورا هاما في إشباع هذه الحاجة. لذلك على الآباء مراعاة المساواة في التعامل مع الأطفال وذلك ما أكده الكثير من الخبراء في علم السلوك . وفي هذا الموضوع نجد ان الدين الإسلامي قد أعطانا بعض النقاط التي قد تساعدنا في تعاملنا الصحيح مع أطفالنا, فقد قال محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:

روى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ان أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا – أي أعطيته  - غلاما كان لي .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟"

فقال : لا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأرجعه " .

وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفعلت هذا بولدك كلهم؟ ".

قال : لا .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" .

ان ظاهرة المفاضلة بين الأولاد لها تأثير سلبيا , لأنها تولد الحسد والكراهية , وتسبب الخوف والخجل , وتؤدي  إلى  كثير من المشاكل السلوكية .

كما وان تصرفات الآباء وسلوكهم نحو أطفالهم قد يزيد من التوتر لدى الأطفال , فقد يؤدي البعض  إلى  البلبلة لدى الطفل وذلك يتضح عندما يمسك الوالد طفله بين يديه ثم يبعده عنه فجأة دون سابق إنذار لأنه " مبلل " أو " متسخ " . أو عندما يصرخ احد الوالدين في وجه الطفل لأنه احدث ضجة أو فوضي. ويلومونه كثيرا على ما يفعل من أخطاء .

 كل هذا قد يشعر الطفل بالتردد في كل ما يفعل . وكما هو معروف ان الطفل لا يستطيع أن ينظر من زاوية  نظر الآخرين إذ ان تفكيره متمركزا حول ذاته , ولا يستطيع ان يفهم وجهة نظر والديه فيما يقولونه له .

ونتيجة لهذا الشيء قد يحدث خلل في العلاقة بين الطرفين, وإيجاد جو من التوتر والإحباط. على الجميع ان يعلم ان للطفل عالمه الخاص به وأننا بحاجة  إلى  ان نعامله باللين والحنان والعطف , لا بالصراخ والأوامر والنواهي لأنه دون جدوى لا يفهم ما نقصده أو نفهمه نحن , بل قد تكون النتيجة عكسية , ومن المؤكد ان الجو العام الذي يسود عملية التنشئة  الاجتماعية  للطفل هو الذي يؤدي  إلى  السلوك السوي أو اللاسوي .

ومن وجهة نظر الإسلام فقد حث على معاملة الأطفال بالمحبة والمودة لأنهم بحاجة إلى ذلك وخاصة من أبويهم.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم , الحسن والحسين ابني علي رضي الله عنهم , وعنده الأقرع بن حابس التميمي , فقال الأقرع :

ان لي عشرة ما قبلت منهم أحدا قط.

 فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " من لا يرحم لا يرحم “. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء إعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

- إنكم تقبلون الصبيان , وما نقبلهم ! 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو املك ان نزع الله الرحمة من قلبك؟! "

كما وحث الإسلام على التعامل مع الأطفال باللين وان نبتعد عن التعنيف  والقسوة  والمعاملة الفجة في تعليمهم الأشياء , فالأسلوب المبني على الإذلال والعنف والمنع والكف وإصدار الأوامر والنواهي يعرض الطفل  إلى  ألوان شتى من الصراعات المصحوبة بشعور غامض من القلق وعدم الثقة والخجل والشك ,وهذه الأمور من المحتمل ان تستفحل تدريجيا  إلى  ان تصبح خطرا يهدد الطفل وكيانه .

روى الحارث والطيالسي والبهيقي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

 " علموا ولا تعنفوا فان المعلم خير من المعنف " . هذا والله ولي التوفيق.